الأمن في الإسلام حاجة إنسانية

ملاجهاد حسن بيسفكى 

 

إن الأمن للإنسان أهم من طعامه وشرابه، فقد يجوع ويعطش فيصبر، ولكنه يخاف فلا يكاد يهنأ براحة بال ولا يهدأ له حال. وإذا أرادت أمة أن تحقق لنفسها تقدماً حضارياً مزدهراً فلابد أن يتوافر الأمن لديها على المستوى الفردي والمستوى الاجتماعي فلا إبداع من دون استقرار، ولا نهضة علمية أو اجتماعية من دون أمن أو طمأنينة ، إن الأمن هو أهم الأسس وأبرز القواعد التي يقام عليها صرح الحضارات، وهو اللغة الرسمية التي يتميز بها الفرد المتحضر والمجتمع المتقدم والأمة الواعدة التي تدرك ما ينطوي عليه المناخ الآمن من عوامل حضارية فتية وعناصر ديناميكية فاعلة تقود إلى صنع مجتمع حضاري متقدم يحظى بالاستقرار وينعم بالسكينة ويتفيأ ظلال الأمن وحياة الرفاهية·

الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف وهو مطلب الشعوب كافة بلا استثناء و هبة من الله لعباده وهو تحقيق السكينة والطمأنينة والاستقرار على مستوى الفرد والجماعة·

ويكون الأمن في مقابلة خوف العدو بخصوصه. ومن مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الضرورات الخمس أو الكليات الخمس للإنسان وهي: الدين والنفس والعرض والعقل والمال فمن اعتدى على إحدى هذه الخمس أقيمت عليه الحدود والعقوبات التي تردعه وتزجر غيره من أن يعتدي على حرمات الله عز وجل وحقوق البشر، ولذا فإن الشريعة الإسلامية جاءت بما يحفظ الأمن ويحقق السعادة للبشرية في الدنيا والآخرة. والأمن يشمل كل نشاطات الإنسان في حياته بل يشمل جميع الإنسانية بدون فروق أو تمييز،وهو المحور الأساسي في التنمية الشاملة والاستقرار لأي مجتمع حيث أنه المناخ المناسب للنمو والتقدم. والأمن نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه وتعالى التي لا تعد ولا تحصى كما قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ولقد جاء في القرآن الكريم التأكيد على الأمن في مواضع عدة وقد ورد في القرآن لفظ "الأمن" في موضعين متتاليين فقال تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [سورة الأنعام: الآية81: 82]

وورد في القرآن لفظ " أمَنَة " في موضعين وفي حديثه عن غزوتين:

أ - في غزوة بدر،حين أنزل الله النعاس على الصحابة أثناء المعركة. قال تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} [سورة الأنفال: الآية: 11]

ب- وفي غزوة أحد،قال تعالى: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ} [سورة آل عمران: الآية: 154] . والفرق بين الأمن والأمنة- وإن كانا متقاربين-: أن الأمنة تختص فيما إذا كان سبب الخوف حاضراً، مثل حالة حرب العدو وحصاره، فما يحصل للمسلمين من أمن ينزله الله عليهم في تلك الحال يسمى أمنة. أما الأمن فهو شامل لما هو أعم من ذلك. و أهمية الأمن في الحياة: الأمن نعمة عظيمة، بل يكاد يكون من أعظم النعم لأن مقتضاه : الأمن النفسي والطمأنينة والسكينة التي يستشعرها الإنسان، فيزول عنه هاجس الخوف، ويحس بالرضا والسعادة.والشعور بالأمن غاية في الأهمية، ومن ثم فقد جعله الله عز وجل نعمة جليلة يتفضل بها على بعض خلقه، وجعل فقد هذا الأمن نقمة ينتقم الله بها من بعض خلقه العاصين أو الكافرين. ولكون "الأمن " ضروريا للحياة، قرنه الله بالطعام والأموال والأولاد في أكثر من موضع- بل قدمه عليها في مثل قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [سورة البقرة: الآية: 155]. فتأمَّل كيف بدأ بضد الأمن وهو الخوف؟ لأن الحياة بدون أمن وأمان قاسية مَّرة، بل شديدة المرارة، لا يمكن أن تطاق. وتجربة قريش : امتنَّ الله على قريش- قبل بعثة النبي - بأن هيَّأ لهم الأمن، وامتنَّ عليهم به- وخاصة بعد حادثة الفيل-، حيث نصر الله قريشاً على النصارى- أبرهة وأصحابه-ولكن لا بيد قريش ؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام، وإنما بنصر من عنده تعالى لا يد لقريش فيه : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ*} [سورة الفيل] .فعاشت قريش بعد هذا آمنة، لا ينالها أحد بسوء، بل كان الناس من حولها يُتخطفون بالحرب والنهب والخوف والقلق، وهي آمنة عند الكعبة، بل تعدى الأمن إلى قوافلها التجارية في رحلة الشتاء والصيف. فكانت تسير آمنة لا يعرض لها أحد بسوء ؛ لأنها تجارة قريش أهل البلد الأمين. قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} . وبعث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم في أم القرى مكة، ودعا قومه إلى الإسلام وإلى هذا النور الذي جاءهم من الله تعالى، وأمرهم بتوحيد الله تعالى وترك عبادة الأصنام والطواغيت. وكان مما اممتنَّ الله به على قريش نعمة الأمن هذه. فقال تعالى في السورة التي تلي سورة الفيل {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [سورة قريش] . فهم آمنون في بلدهم، وفي رحلات قوافلهم في الشتاء والصيف إلى اليمن وإلى الشام. فأمرهم تعالى بعبادة ربّ هذا البيت الذي أنعم عليهم بنعمة الأمن والأمان.وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: الآية: 67] .فكيف لا يتدبروا هذه النعمة، وكيف يقابلوها بهذا الكفران ، حيث جعلوا مكة بلد الله الأمين مسرحاً للأصنام، وعبادة غير الله تعالى، لذى فإن رعية الأمن في الإسلام تأتي من قوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} ( البقرة:208). وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" إن أهمية الأمن الاجتماعي قد تجاوزت الحق الإنساني لتجعله فريضة إلهية، وواجباً شرعياً، وضرورة من ضرورات استقامة العمران الإنساني، و إقامة مقومات الأمن الاجتماعي الأساسي لإقامة الدين، فرتبت على صلاح الدنيا بالأمن صلاح الدين، وليس العكس كما قد يحسب الكثيرون . فالقرآن الكريم قد أعطى هذا الجانب اهتماماً كبيراً، لما له من أثر في توطين النفس البشرية على الرضا والاستسلام، والترقب والاهتمام، وفق منطلق عقدي، جعل له التوجيه الإسلامي قاعدة متينة يرتكز عليها، وسنداً قوياً يدعمه، لتشد بذلك جوانب النفس حتى لا تنحرف أو تزيغ.

عوامل تحقيق الأمن في الإسلام

1- السلام.

يحظى السلام في الإسلام بنصيب وافر من الخير وقسط زاخر من البر لكل من جعله دعوته في الحياة ومنهجه في التعامل مع الناس· ولعل مكانة السلام في الإسلام ظاهرة جلية في كثير من آيات القرآن المجيد، قال تعالى: (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) يونس:25· وجعل الله سبحانه السلام تحية أهل الجنة، قال تعالى: (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يونس:10· بل سمَّى الآخرة بدار السلام ليحض المسلم على السعي نحو السلام والتنعم بظلاله ونعيمه، قال سبحانه: (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون) الأنعام:127· وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ الحقوق ونهى عن الظلم ودعا المسلمين إلى أن يكونوا عباد الله إخواناً، فقال صلى الله عليه وسلم: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته...) .إن الإسلام رفع راية السلام منذ اللحظة الأولى لميلاده، ولم يعلن حرباً إلا إذا كان قد دُفع إليها دفعاً، ولقد ظل ثلاث عشرة سنة بين ربوع مكة محاولاً نشر دعوته في ظل السلام فما استطاع، واضطهد أتباعه اضطهاداً لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية· ولكنه كان يأمر أتباعه بالجنوح إلى السلم والأخذ بالعفو والإعراض عن الجاهلين فليس هناك دين دعا إلى السلام كما دعا إليه الإسلام، ولا مذهب من المذاهب القديمة أو الحديثة أسهم في تدعيم أسس السلام كما أسهم الإسلام· فالسلام في الأرض هو هدفه ودعوته، وأنشودة رسالته، ولم تكن حروبه في الواقع إلا وسيلة لإقرار هذا السلام في الأرض·

2- السمع والطاعة لولي الأمر في المعروف

 السمع والطاعة لولي الأمر في المعروف  أصل من أصول الواجبات الدينية  قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (النساء: 59).

3-التزام الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في الدين.

إن التزام جانب الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في الدين من أهم الضمانات اللازمة لاستمرار نعمة الأمن الاجتماعي ، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة: 143)

4-القيام بواجب النصيحة بالأسلوب الشرعي مع مراعاة التلازم بين نصيحة ولي الأمر والدعاء له.

كان السلف يكرهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معلنا، ويحبون أن يكون سراً فيما بين الآمر والمأمور، فإن هذا من علامات النصح ، فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عيوب من ينصح له وإنما غرضه إزالة المفسدة التي وقع فيها وتحقيق الأمن الاجتماعي. فإن إشاعة وإظهار العيوب من الأمور التي حرمها الله ورسوله  قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور: 19) 

 

5- قيام العلماء والمثقفين بواجبهم في ملء الفراغ الذهني لدى بعض الشباب بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالخير:

يوجد لدى نسبة غير قليلة من الشباب الآن فراغ ذهني خطير مهددا للأمن الاجتماعي ناتج من وجود وهلة عميقة بين العلماء والمثقفين من جهة، وبين بعض الشباب من جهة أخرى، إن كثيرا من الشباب الذين اتسمت تصرفاتهم بالغلو والتطرف لم يتلقوا العلم من أهله وشيوخه المختصين بمعرفته، وإنما تلقوه من مصادر غير مصادره.

لقد غفل هؤلاء الشباب أن علم الشريعة وفقهها لا بد أن يرجعوا فيه إلى أهله الثقات، وأنهم لا يستطيعون أن يخوضوا هذا الخضم الزاخر وحدهم دون مرشد يأخذ بأيديهم، ويفسر لهم الغوامض والمصطلحات ويرد الفروع إلى أصولها. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا.

 

6- القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ضوء الكتاب والسنة.

من الأمور الفاعلة للمحافظة على نعمة الأمن الاجتماعي والاستقرار القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

لقد أقام الإسلام فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي فريضة جماعية، أي تؤديها طائفة لحساب المجتمع كله،فإقامة هذه الفريضة في المجتمع، تضمن أمنه وسلامة الناس وتضامنهم في دفع الفساد وتحصيل المصالح.

 تأكد ذلك بالأمر الرباني في قوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران: 104).

 

7- التماسك والتعاون على البر والتقوى بين المواطنين والابتعاد عن النزاع والتمزق والانقسام بينهم[99]:

إن سلاح الأمم في بناء مجدها، وإثبات وجودها، وتثبيت دعائم الأمن الاجتماعي والاستقرار بها، وتحقيق أهدافها الحاضرة والمستقبلية، هو سلاح الائتلاف والاتحاد والتعاون والوفاق، وترك النزاع والتمزق والانقسام والتناحر جانبا، فكلما سادت هذه الفضائل بين أفراد المجتمع حكاما ومحكومين ساد الحب والتقدير والثقة المتبادلة، والتضامن والوحدة والألفة والمحبة والتعاطف والتراحم، وإذا فقدت هذه الفضائل والقيم الإسلامية السامية ساد التمزق والانحلال والاضطراب والشك والقلق والقنوط واليأس شئون الأمة وشل حركتها وحول سعادتها شقاء وأمنها خوفا.

وقد أمر الله جل شأنه بالتمسك والاعتصام بحبله وبالتعاون على الخير وأوصى به وحذر من الفرقة والتمزق، وأثنى على وحدة الأمة وندد باختلافها قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: 103). وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(المائدة: 2).

8- المحافظة على طهر مجتمعنا وصيانته من انتشار الأخلاق الذميمة فيه

وأورد بعض الأمثلة من الأخلاق التي تتفشى في كل مجتمع لا ينتبه إلى خطورتها وحجم أضرارها ومساهمتها في تفتيت الوحدة الاجتماعية والإخلال بالأمن الاجتماعي ، وإثارة الفتن والخلافات منها:

أ- الحسد: وهو كراهية الخير للناس وتمني زوال النعمة عنهم، فإذا أخذت هذه الصفة خطوات إيجابية بالعمل الممقوت والوشاية الضالة المضلة فإنما يصدق عليها قول الحق،  "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (الفلق: 1 – 5). وعندما يهب الرسول مناديا: " لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا ". فهو إنما يخشى على أمته من شر الحسد.

ب- النفاق: قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.(التوبة: 67).أي أن بعضهم يجتمع مع بعض، وفي هذا خطره الواضح علي تحقيق الأمن في المجتمع .

ج- الرشوة: حذر منها  رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بقوله:" لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ "