رحم الله علامة الاندلس ابن حزم (المتوفى: 456هـ) الذي قال بكروية الأرض قبل ألف سنة، فأين أنتم منه. قال في كتابه الماتع: "الفصل في الملل والأهواء والنحل (2/ 78-79)" (مطلب بَيَان كروية الأَرْض...قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا حِين نَأْخُذ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي ذكر بعض مَا اعْترضُوا بِهِ وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا إِن الْبَرَاهِين قد صحت بِأَن الأَرْض كروية والعامة تَقول غير ذَلِك وجوابنا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن أحد من أَئِمَّة الْمُسلمين الْمُسْتَحقّين لاسم الْإِمَامَة بِالْعلمِ رَضِي الله عَنْهُم لم ينكروا تكوير الأَرْض وَلَا يحفظ لأحد مِنْهُم فِي دَفعه كلمة بل الْبَرَاهِين من الْقُرْآن وَالسّنة قد جَاءَت بتكويرها قَالَ الله عز وَجل {يكور اللَّيْل على النَّهَار ويكور النَّهَار على اللَّيْل} وَهَذَا أوضح بَيَان فِي تكوير بَعْضهَا على بعض مَأْخُوذ من كور الْعِمَامَة وَهُوَ إدارتها وَهَذَا نَص على تكوير الأَرْض ودوران الشَّمْس كَذَلِك وَهِي الَّتِي مِنْهَا يكون ضوء النَّهَار بإشراقها وظلمة اللَّيْل بمغيبها وَهِي آيَة النَّهَار بِنَصّ الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى {وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة} فَيُقَال لمن أنكر مَا جهل من ذَلِك من الْعَامَّة ألبس إِنَّمَا افْترض الله عز وَجل علينا أَن نصلي الظّهْر إِذا زَالَت الشَّمْس فَلَا بُد من نعم فَيسْأَلُونَ عَن معنى زَوَال الشَّمْس فَلَا بُد من أَنه إِنَّمَا هُوَ انْتِقَال الشَّمْس عَن مُقَابلَة من قَابل بِوَجْهِهِ القرص واستقبل بِوَجْهِهِ وَأَنْفه وسط الْمسَافَة الَّتِي بَين مَوضِع طُلُوع الشَّمْس وَبَين مَوضِع غُرُوبهَا فِي كل زمَان وكل مَكَان وَأَخذهَا إِلَى جِهَة حَاجِبه الَّذِي يَلِي مَوضِع غرُوب الشَّمْس وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي أول النّصْف الثَّانِي من النَّهَار وَقد علمنَا أَن المداين من معمور الأَرْض آخذة على أديمها من مشرق إِلَى مغرب وَمن جنوب إِلَى شمال فَيلْزم من قَالَ أَن الأَرْض منتصبة إِلَّا على غير مكورة أَن كل من كَانَ سَاكِنا فِي أول الْمشرق أَن يُصَلِّي الظّهْر فِي أول النَّهَار ضَرُورَة وَلَا بُد إِثْر صَلَاة الصُّبْح بِيَسِير لِأَن الشَّمْس بِلَا شكّ تَزُول عَن مُقَابلَة مَا بَين حاجبي كل وَاحِد مِنْهُم فِي أول النَّهَار ضَرُورَة وَلَا بُد أَن كَانَ الْأَمر على مَا تَقولُونَ وَلَا يحل لمُسلم أَن يَقُول إِن صَلَاة الظّهْر تجوز أَن تصلى قبل نصف النَّهَار ويلزمهم أَيْضا أَن من كَانَ سَاكِنا فِي آخر الْمغرب إِن الشَّمْس لَا تَزُول عَن مُقَابلَة مَا بَين حاجبي كل وَاحِد مِنْهُم إِلَّا فِي آخر النَّهَار فَلَا يصلونَ الظّهْر إِلَّا فِي وَقت لَا يَتَّسِع لصَلَاة الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس وَهَذَا خَارج عَن حكم دين الْإِسْلَام وَأما من قَالَ بتكويرها فَإِن كل من على ظهر الأَرْض لَا يُصَلِّي الظّهْر إِلَّا إِثْر انتصاف نَهَاره أبدا على كل حَال وَفِي كل زمَان وَفِي كل مَكَان وَهَذَا بَين لَا خَفَاء فِيهِ ...). نقله من مصدره فهمي القزاز |