ألقى الشّيخ عبد الله سعيد الكوردي رئيس اتّحاد علماء الدّين ألإسلامي في كوردستان كلمة في مراسيم تكريم الّدكتور الزّلمي، أبدى فيه شكره للأزهر الشّريف ولاسيّما شيخه لقبوله مقترح رئيس الاتّحاد وقيامه بهذا العمل المبارك من تكريم علم من أعلام الوسطية والعلم في كوردستان، وهو الدّكتور مصطفى الزّلمي، كما تطرّق إلى جوانب مضيئة من مسيرة الشّيخ الزّلمي العلمية.

وفيما يلي نصّ كلمة رئيس الاتّحاد:

بسم الله الرحمن الرحيم

يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات

أحييكم بتحية العقيدة والإسلام ، تحية من عند الله طيبة مباركة، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاتة:

يسعدني و يشرفني أن أتقدَّم اليكم باسم اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان لأعبر عن فائق شكرنا و تقديرنا للرابطة العالمية لخريجي الأزهر متمثلة برئيسها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، و نائب رئيسها و أعضاء مجلس إدارتها و كافة الأخوة العاملين فيها لقبولهم ذلك المقترح الذي قدّمناه اليهم في الثاني من نيسان من هذا العام لتكريم هذه الشخصية العلمية، فنشكرهم على قبولهم لإقتراحنا ، واليوم نحضر معاً حفل تكريم هذا العَلَمْ الأزهري الكوردي العلامة الدكتور مصطفى ابراهيم الزلمي، واسمحوا لي أن أنقل لفضيلة الإمام الأكبر تهاني و تبريكات علماء كوردستان لحصوله على جائزة الشيخ زايد للشخصية الكتابية، و نقول له : مبروك عليك، و أنت أهل لهذه الجائزة ، وننظر أليك و كأنك صمام الأمان للعالم الإسلامي كما كنت صمام الأمام لمصر و علمائها.

أيها الحضور الكريم:

لا يخفى عليكم العلاقات التأريخية بين الكورد والأزهر، فالعلاقة بينهما علاقة علمٍ و عطاء، فإذا كانت العلاقة بين الأزهر والعالم الإسلامي من جانب واحد، فإنَّه و بفضل الله علاقة مع الكورد من جانبين،أولها بإعتبارها المرجعية السنية لأهل السنة في العالم الإسلامي، و ثانيها ترجع إلى عهد القائد الإسلامي الكوردي صلاح الدين الأيوبي الذي أعاد الأزهر الى نهجه الصحيح، وكان للأزهر الشريف و لا يزال الدور الكبير في نشر روح الوسطيّة والإعتدال في المجتمع الكوردستاني، ففي ثلاثينيات القرن العشرين يتخرج فيه القاضي رشاد المفتي كأول أزهري كوردي، واليوم تتعمق هذه العلاقات التأريخية مع الأزهر الشريف بفضل الله أولاً و بفضل الرابطة العالمية لخريجي الأزهر التي تحاول و بجد و إخلاص للم شمل الأزهريين في أنحاء العالم الإسلامي، وايصال رسالة الأزهر الى جميع القوميات و الشعوب المسلمة ، فكان لنا كإتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان أعمال مشتركة مع الرابطة من أجل نشر رسالة الأزهر في بلادنا، تلك الرسالة التي تربى عليها علماؤنا و أساتذتنا القدامى، فتم و بحمد الله عمل ثلاث دورات تدريبية في رحاب الأزهر الشريف لخمسة و تسعين إماماً و خطيبا ، هذا بالإضافة الى وجود عدد كبير من الطلبة الكورد في جامعة القاهرة لكي يكونوا دعاةً للوسطية والإعتدال في الأرض التي وصفها الله سبحانه وتعالى بالمنزل المبارك عندما استوى عليها سفينة نوح عليه السلام، هذا مع وجود معهد أزهري في أربيل - عاصمة الإقليم - لكي يتعلق الجيل الجديد و من الصغر بروح الأزهر و حمل رسالته في المستقبل، وبعون الله سيكون للرابطة فرع فعال في الإقليم، لأن إقليم كوردستان يعيش الآن صحوة إسلامية معتدلة ، و لدينا الرغبة في مناهضة الأفكار المتطرفة عبر رسالة الوسطية والإعتدال ألا وهي رسالة الأزهر ، الأزهر الذي نعتبره قبلة العلم، و مرجعيتنا الوحيدة في الفقه والفكر الإسلامي.

مشايخي و أستاذي و إخواني الكرام:

اليوم يحتضن الأزهر الشريف أحد أبنائه الذي يعدُّ في طليعة العلماء و الباحثين الذين لَمَّعوا في سماء القرنيين العشرين والحادي و العشرين ، فهو العلامة الجليل و الشيخ الوقور الدكتور مصطفى ابراهيم الكوردي قومية والزلمي مولداً والأزهري علماً و ثقافة و تربية.

فمن هو الزلمي؟

نعم، فقد نشأ على أرض كوردستان علماء أجلاء، كانوا بحق كالبدر المنير والنور الساطع، اجتمع فيهم صفات العلماء الربانيين المخلصين، فنفع الله بهم، وبارك في علمهم، حيث منحوا الإسلام والمسلمين كل جهدهم ومعظم وقتهم ، ونذروا لهذه الشريعة الغراء حياتهم بالدرس والتدريس والتأليف والفتوى والعمل الدؤوب، فتربى على أيديهم مئات العلماء الذين أسهموا في بناء صرح العلم والإنسانية والتقدّم في اقليم كوردستان، وأثروا المكتبة الإسلامية خير إثراء، فألَّفوا في مختلف العلوم والفنون، وبالأخص في الفقه الإسلامي...

هذا العَلم الذي تجمعنا من أجله هو صاحب التصانيف في العلوم المختلفة، والذي أثرى المكتبة الإسلامية، فضلاً عن دوره الرائد في إعداد وتربية علماء متسلحين بسلاح العلم والإيمان والعقيدةالصحيحة والفكر الوسطي لخدمة هذا الدين، فما تجد مدرسة من المدارس في اقليم كوردستان بل و حتى في العراق إلا وله أثر فيها، هو الشيخ العلامة الدكتور مصطفى الزلمي المتولد سنة 1924 في قرية زلم بين جبال كوردستان ، و حصل على العلوم الشرعية على أيدي كبار علماء كوردستان، ثم حصل على البكالوريوس في القانون من جامعة بغداد 1965، و الماجستير من جامعة بغداد 1968، و الماجستير في الفقه المقارن من الأزهر سنة 1971، و الماجستير في القانون من جامعة القاهرة 1973، و بعدها الدكتوراه في الفقه المقارن من الأزهر الشريف 1975، وأخيراً الدكتوراه في القانون من جامعة بغداد 2004م.

له أكثر من خمسين مؤلف من الشريعة( الفقه و الأصول ) والقانون و الدراسات القرآنية و الفلسفة، بالإضافة الى أكثر من أربعين بحثاً علمياً في التخصصات نفسها، فضلاً عن إشرافه على أكثر من 100 رسالة جامعية للدكتوراه و الماجستير في الفقه والفلسفة و القانون و الشريعة، واليوم مع كبر سنه الذي يقترب من التسعين عاماً فهو مستمر في التدريس و التأليف و استفاد منه الكثيرون من طلبة العلم ، وأصبحت كتبه منهجاً دراسياً في العديد من الجامعات العراقية و الكوردستانية، و اليوم يهدي بأكثر من خمسمائة كتاب من مؤلفاته المتنوعة الى فضيلة الإمام الأكبر رئيس مجلس إدارة الرابطة.

حصل على جائزة الإنتاج العلمي في العراق سنة 1993، و كذلك على شارة الكاتب العراقي سنة 1995، و تم منحه جائزة وسام العلوم في 2002، و تم تكريمه من قبل رئاسة ديوان الرئاسة في جمهورية العراق، و ما يقوم به اليوم فضيلة الإمام الأكبر من تكريم الدكتور مصطفى الزلمي يعتبر أعظم تكريم له و ذلك لمكانة الأزهر في قلبه و حبه لهذا البيت العظيم الذي تربى في أحضانه، و نحن بدورنا كعلماء الدين الإسلامي في كوردستان لا نعتبر هذا التكريم للدكتور الزلمي فحسب ، بل نعتبره تكريماً لشعب كوردستان و علمائه ، ونعتز بهذا التكريم و نفتخر به.

وأخيراً ، مرة أخرى نقدم شكرنا للرابطة العالمية لخريجي الأزهر ، بارك الله في مسعاكم، وسدد خطاكم على الخير ، و حفظ الله الأزهر و مشيختها و جامعتها من عيون الحاقدين والحاسدين... و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.........